هل تحول الأقباط عن دينهم اقتناعا؟

أندهش أحد الأصدقاء المسلمين من اصل أسيوى عندما عرف اننى مسيحى من اصل مصرى واضاف قائلا اكيد انك انت او أحد اجدادك مرتد عن الأسلام !! فهو يجهل ان أصل أهل مصر هم الأقباط . هكذا انتشر الجهل بالتاريخ القبطى عبر الشعوب الأسلاميه حتى ان مصر ذاتها وهى صاحبة هذا التاريخ العريق لا يوجد فى جميع معاهدها او جامعاتها الحكومية اى قسم للتراث القبطى بينما نجد مثل هذه الأقسام منتشرة فى معظم جامعات الدول الغربية. أن مصر الفرعونية أعتنقت المسيحيه عن طريق القديس مرقس الذى لم يحمل فى يده سيفا بل كلمة الأنجيل ، ولم يفرض جزية او تهديدا ارضيا لمن لا يؤمن بل كان محبا متسامحا متمثلا بالسيد المسيح مسالما للجميع لا يملك قوة او جيشا محاربا بل ممتلئا بقوة الروح القدس وهكذا انتشرت المسيحيه فى مصر بالأقتناع والأيمان المبنى على المعرفة والدراسة. بعكس ما حدث عند دخول المحتل العربى مصر سنة 640 ميلادية حيث كانت مصر فى ذلك الوقت تتحدث اللغه القبطية المتطورة من اللغة المصرية القديمة التى كانت تكتب أيام الفراعنة بالحروف الهيروغلوفية ثم صارت تكتب بحروف يونانيه مضاف اليها بعض الحروف الخاصة بها فكونت الابجديه القبطية، بينما العرب الغزاة كانوا يتحدثون بلغتهم العربية القريشية فكان من الصعب على اى قبطى ان يفهم او يعرف شيئا عن الأسلام ولم تكن هناك اى ترجمات للقرأن او الاحاديث الى لغة اخرى غير العربية بل لم يكن القرأن نفسه قد تم تجميعه او كتابتة. فكيف إذن يتأتى للقبطى ان يعتنق بمحض أختياره دينا او عقيدة جديدة لا يعرف عنها شيئا ولا يفهم اصلا اللغة الوحيدة التى تستخدم سواءا لممارسة شعائرها او تفهمها؟؟ بالأضافه الى ان العادات و المماراسات والأسس الأخلاقيه التى تقوم عليها لا تتوافق مع جذوره الفرعونية او عقيدته المسيحيه بل تتنافر معها فى بعض الأحيان مثل تعدد الزوجات وملكات اليمين وسهولة الطلاق ومكانة المرأة، هذا اذا افترضنا انه عرف شيئا عنها. وهل يعقل ان يتقبل الأقباط عقيدة قوم احتلوا بلادهم بالقوة ولم يتوانو عن تدمير وحرق مدن وقرى بأكملها بما فيها من كنائس ومزارع وبيوت ويرتكبون الفظائع فى سبيل تحقيق اهدافهم كما اوضحنا فى المقاله السابقه و بالوثاثق التاريخية ؟ هذا بالنسبه لعامة الشعب ، اما بالنسبة للمثقفين فقد كانت مصر وقتها قلعة للعلم والثقافة، يأتى إليها الدارسين من جميع أنحاء المعمورة ليتتلمذوا فى مدرسة الأسكندرية ذات الشهرة العالمية سواءا فى العلوم المسيحية او الاكاديمية وكانت هناك ايضا مكتبة الأسكندرية قبلة الباحثين تحفل بأحدث المراجع و الكتب التى جمعت بين روحانيه المسيحية ومثالياتها وعظمة الحضارة الفرعونية وعلومها وحكمة الحضارة اليونانيه وادبها وتقدم النظم والتشريعات الرومانية، فالأقباط احفاد الفراعنة كانوا اهل حضارة وتقدم فى جميع العلوم والفنون المعروفة فى ذلك العصر كفن العمارة والبناء و تشهد بذلك القصور و البيوت والكنائس والمعابد الفرعونية و ايضا الصناعات الحرفية من الخزف و الزجاج و الخشب والمعادن و هناك ايضا الفنون القبطية سواءا فى النحت او التصوير ناهيك ايضا عن التقدم الزراعى حيث الوفرة فى المحاصيل والثمار التى كانت تغطى احتياجات مصر بل تصدر الكثير للشعوب المحيطة. بينما الغزاة العرب لا تجد فى بلادهم ادنى علامات الحضارة فقد كانوا يسكنون الخيام لا يعرفون اى نوع من الفنون سوى الحرب والقتال و اغارة قبائلهم بعضها على بعض يغزون و يقتلون الرجال و يسبون النساء و الأطفال ويسلبون الغنائم من االأموال و الممتلكات و حتى بعد ان توحدوا تحت رايه الأسلام كقبيلة واحده اتجهوا لغزو الشعوب الاخرى من حولهم وبنفس الطريقة و المماراسات التى كانت بينهم، لم يكن عندهم اى علوم او مدارس و مكتبات او حتى مراجع تفيد البشرية و لا يمارسون اى صناعات او حرف سوى الرعى والتجارة . وللقارئ ان يتصور مدى الفجوه الثقافيه والحضارية بين الاقباط وهؤلاء الغزاة العرب. اذن كيف يمكن التواصل او التفاهم بين الطرفين وخصوصا المثقفين من الاقباط كطرف والغزاة كطرف أخر ، كانت اللغه الوحيده امام الغزاة هى لغة القوه و فرض معتقاداتهم بالأرهاب والتهديد. ان كل الباحثين فى التاريخ يعرفون انه لم يكن امام القبطى سوى ثلات اختيارات ام الأسلام او القتل او دفع الجزيه و هو صاغر اى فى ذلة و مهانة و تشهد حتى كتبهم عن قتل الأقباط الذين رفضوا فى قوة وشجاعة التحول عن دينهم ولم يستطيعوا او رفضوا دفع الجزية او الذين دافعوا عن حرية الكلمة و قتلوا جزاء تجرأهم فى الأعلان عن رأيهم بصراحة فى عقيدة الأخر. ف القول بأن الأقباط تحولوا عن دينهم عن قناعة وبكامل اختيارهم فهو قول مغلوط و تزوير للتاريخ و تعمد أخفاء الحقيقة التى هى شعاع نور يخترق ظلمات التضليل ويراها كل ذو بصيرة يسعى حثيثا فى البحث عنها مجردة من اى تزييف او تسويف
ا