بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:-
« اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ
بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِى لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إِلَى
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ».
في الحقيقة أحب أن أتناول في هذه التدوينة موضوعاً هاماً ، يدور حول هذه الآية الكريمة:
قال الله تعالى:-
سورة المائدة ” 116 ” :
(وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم: أأنت قلت للناس اتخذوني، وأمي، إلهين من دون الله؟؟ قال: سبحانك!! ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق.. إن كنت قلته فقد علمته.. تعلم ما في نفسي، ولا أعلم ما في نفسك.. إنك أنت علام الغيوب.. ما قلت لهم إلا ما أمرتني به: ان أعبدوا الله، ربي، وربكم.. وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم، وأنت على كل شيء شهيد إن تعذبهم، فإنهم عبادك.. وإن تغفر لهم، فإنك أنت العزيز الحكيم قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم.. لهم جنات تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها أبدا، رضي الله عنهمن ورضوا عنه.. ذلك الفوز العظيم.. لله ملك السموات، والأرض، وما فيهن، وهو على كل شيء قدير)..
ويدور سؤال المسيحيين حول قول الله سبحانه وتعالى:
” أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ “.
يقول المسيحيون: ( هل الله لا يعلم إن كان عيسى عليه السلام قال للناس اتخذوني وأمي إلهين من
دون الله فسأله ؟! )
تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً .
رداً على كل من سأل هذا السؤال افتراءً على الله
أولاً: الجانب التفسيري:
1- تفسير ” ابن كثير ” لهذه الآية:
يقول الإمام الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي في كتابه ” تفسير القران العظيم ” المجلد الثاني ، صفحة 112 ، في تفسيره لهذه الآية :
” هَذَا أَيْضًا مِمَّا يُخَاطِب اللَّه بِهِ عَبْده وَرَسُوله عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام قَائِلًا لَهُ يَوْم الْقِيَامَة
بِحَضْرَةِ مَنْ اِتَّخَذَهُ وَأُمّه إِلَهَيْنِ مِنْ دُون اللَّه يَا عِيسَى اِبْن مَرْيَم ” أَأَنْتَ قُلْت لِلنَّاسِ اِتَّخِذُونِي
وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ ” مِنْ دُون اللَّه وَهَذَا تَهْدِيد لِلنَّصَارَى وَتَوْبِيخ وَتَقْرِيع عَلَى رُءُوس الْأَشْهَاد هَكَذَا قَالَهُ
قَتَادَة وَغَيْره وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى” هَذَا يَوْم يَنْفَع الصَّادِقِينَ صِدْقهمْ ” وَقَالَ
السُّدِّيّ : هَذَا الْخِطَاب وَالْجَوَاب فِي الدُّنْيَا وَقَالَ اِبْن جَرِير : هَذَا هُوَ الصَّوَاب وَكَانَ ذَلِكَ حِين رَفَعَهُ إِلَى
السَّمَاء الدُّنْيَا : وَاحْتَجَّ اِبْن جَرِير عَلَى ذَلِكَ بِمَعْنَيَيْنِ ” أَحَدهمَا ” أَنَّ الْكَلَام بِلَفْظِ الْمُضِيّ ” وَالثَّانِي “
قَوْله : إِنْ تُعَذِّبهُمْ وَإِنْ تَغْفِر لَهُمْ وَهَذَانِ الدَّلِيلَانِ فِيهِمَا نَظَرٌ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ أُمُور يَوْم الْقِيَامَة ذُكِرَ بِلَفْظِ
الْمُضِيّ لِيَدُلّ عَلَى الْوُقُوع وَالثُّبُوت . وَمَعْنَى قَوْله ” إِنْ تُعَذِّبهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادك ” الْآيَة التَّبَرِّي مِنْهُمْ
وَرَدّ الْمَشِيئَة فِيهِمْ إِلَى اللَّه وَتَعْلِيق ذَلِكَ عَلَى الشَّرْط لَا يَقْتَضِي وُقُوعه كَمَا فِي نَظَائِر ذَلِكَ مِنْ الْآيَات
وَاَلَّذِي قَالَهُ قَتَادَة هُوَ غَيْره هُوَ الْأَظْهَر وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّ ذَلِكَ كَائِن يَوْم الْقِيَامَة لِيَدُلّ عَلَى تَهْدِيد النَّصَارَى
وَتَقْرِيعهمْ وَتَوْبِيخهمْ عَلَى رُءُوس الْأَشْهَاد يَوْم الْقِيَامَة وَقَدْ رُوِيَ بِذَلِكَ حَدِيث مَرْفُوع رَوَاهُ الْحَافِظ اِبْن
عَسَاكِر فِي تَرْجَمَة أَبِي عَبْد اللَّه مَوْلَى عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز وَكَانَ ثِقَة قَالَ : سَمِعْت أَبَا بُرْدَة يُحَدِّث
عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” إِذَا
كَانَ يَوْم الْقِيَامَة دُعِيَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَأُمَمهمْ ثُمَّ يُدْعَى بِعِيسَى فَيُذَكِّرُهُ اللَّهُ نِعْمَته عَلَيْهِ فَيُقِرّ بِهَا فَيَقُول يَا
عِيسَى اِبْن مَرْيَم ” اُذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْك وَعَلَى وَالِدَتك الْآيَة ثُمَّ يَقُول ” أَأَنْتَ قُلْت لِلنَّاسِ اِتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ
إِلَهَيْنِ مِنْ دُون اللَّه فَيُنْكِر أَنْ يَكُون قَالَ ” ذَلِكَ فَيُؤْتَى بِالنَّصَارَى فَيُسْأَلُونَ فَيَقُولُونَ نَعَمْ هُوَ أَمَرَنَا بِذَلِكَ
قَالَ فَيَطُول شَعْر عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَيَأْخُذ كُلّ مَلَك مِنْ الْمَلَائِكَة بِشَعْرَةٍ مِنْ رَأْسه وَجَسَده فَيُجَاثِيهِمْ
بَيْن يَدَيْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مِقْدَار أَلْف عَام حَتَّى تُرْفَع عَلَيْهِمْ الْحُجَّة وَيُرْفَع لَهُمْ الصَّلِيب وَيُنْطَلَق بِهِمْ إِلَى
النَّار ” وَهَذَا حَدِيث غَرِيب عَزِيز . ” انتهى.
فسؤال الله سبحانه وتعالى في هذه الآية هو توبيخ وتقريع للنصارى على رؤوس الأشهاد ، ويكون هذا السؤال أمام من اتخذ عيسى عليه السلام وأمه إلهين من دون الله سبحانه وتعالى .
ثانيا: الجانب اللغوي:
نظراً على سؤال الله سبحانه وتعالى في الآية الكريمة وقوله ” أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ” ، لنعرف سوياً نوع هذا السؤال في جانب اللغة و البلاغة ، وسنرى
معاً هذا الموضوع مثبتاً من كتاب متخصص في هذا المجال.
كتاب: ” جَوَاهِرُ البَــــلاغَة في المَعَاني و البَيَان و البَدِيع “ .
نشر وطباعة: ” مكتبة الرياض الحديثة “ دار الفكر – بيروت.
تأليف: ” السيد المرحوم أحمد الهاشمي ” .
الصفحة: - 94 -.
صورة من داخل الكتاب
يذكر هذا الكتاب جميع أنواع الاستفهام ، وذكر في هذه الصفحة نوع الاستفهام الموجود في هذه الآية ، الذي هو ” الإنكار ” ، يقول نص الكتاب :
(5) الإنكار(1)، كقوله تعالى: ( أغَيرَ اللهِ تَدْعُونَ ).
وذكر في هامش الصفحة:
(1) اعلم أن الإنكار إذا وقع في الاثبات يجعله نفياً - كقوله تعالى : أفي الله شك؟ أي لا شك فيه ،
وإذا وقع في النفي يجعله إثبات، نحو قوله تعالى: ألم يجدك يتيماً ، أي وجدناك ،
وبيان ذلك: أن إنكار الاثبات والنفي نفي لهما ، ونفي الاثبات نفي – ونفي النفي إثبات. ثم الإنكار قد
يكون للتكذيب نحو أيحسب الإنسان أن يتنرك سدى – أو يكون للتوبيخ واللوم على ما
وقع نحو: أتعبدون ما تنحتون. انتهى.
مما سبق نعلم الآن تماماً نوع الاستفهام المستخدم في تلك الآية ، وهو الاستفهام الإنكاري النافي .
ثالثاً: تعليقاً على هذه الآية:
كتاب: ” تأملات في سورة المائدة ” .
تأليف الدكتور: حسن محمد باجودة – أستاذ الدراسات القرآنية البيانية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة .
صفحة: - 476 - .
من داخل الكتاب
يقول: ” إن رب العزة الذي لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السماء ، والذي أحاط بكل شيءٍ
علما والذي يعلم ما قال عيسى عليه السلام عبد الله ورسول يسأل يوم القيامة عيسى عليه السلام:
( أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ) ، والمقصود: تبكيت الغالين من أتباعه عليه
السلام الذين اتخذوه عليه السلام وأمه إلهين من دون الله تعالى ، ولما
كان اتخاذ عيسى عليه السلام وأمه مريم البتول إلهين من دون الله تعالى اعتداءً من غلاة أتباع عيسى عليه السلام على الله تعالى الذي من حقه أن يُعبد ويُفرد جل وعلا وحده لا شريك له
بالعبادة فقد كان أول ما جرى على لسان عيسى عليه السلام متعلقاً بالذات العلية : ” قـــال
سبــحــانــك ” ، والمعنى تنزيهاً لك عن كل ما ألصقه بك كلٌّ من الغلاة والمشركين.” انتهى.
الخلاصة:
1- في هذه الآية رداً مفحماً على من ادعى أن عيسى عليه السلام إلهاً .
2- رداً على من حاول إثبات ألوهية عيسى عليه السلام من القرآن الكريم كبعض المحاولات الفاشلة التي حاولها بعض المسيحيين الجهلاء.
3- نوع استفهام في هذه الاية هو استفهام إنكاري يهدف إلى توبيخ و تقريع للنصارى على رؤوس الأشهاد ” أمام الملأ يوم القيامة ” .
4- يقال هذا الحديث يوم القيامة كما ذكر المفسرون وعلماء اللغة العربية والبلاغة.
5- فضح المسيحيين الذين يعبدون مريم العذراء من المسيحيين ” الأرثوذوكس والكاثوليك ” وطلاب شفاعتها.
6- انتظروا ردي على بحث أحد المسيحيين حول هذا الموضوع.
أسال الله تعالى أن يتقبل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن يهدي به كثيراً ممن افتروا على الله – سبحانه وتعالى عما يصفون – كذباً وزواً وبهتاناً ، أسألكم الدعاء ، ونشر الموضوع
في كل مكان ما استطعتم ، جزاكم الله كل خير ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
صلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=51&ID=437الآية الكريمة كاملة ... قال تعالي
وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116)
وده علشان سؤالك وسؤال العزيز اشمعني من ناحية الإستفهام
:
تفسير الأية الكريمة :
و إذ قال الله تعالى يوم القيامة: يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اجعلوني وأمي معبودين من دون الله؟ فأجاب عيسى -منزِّهًا الله تعالى-: ما ينبغي لي أن أقول للناس غير الحق. إن كنتُ قلتُ هذا فقد علمتَه; لأنه لا يخفى عليك شيء, تعلم ما تضمره نفسي, ولا أعلم أنا ما في نفسك. إنك أنت عالمٌ بكل شيء مما ظهر أو خفي.
وده فيه إجابة بالنسبة للزمن المحدد للسؤال , إنه هايكون يوم القيامة ( هذا رأي المفسرون ) والله أعلم
هذا بالنسبة للزمن وإذا كنتم تعبدون المسيح عيسى عليه السلام كإله باعتبار انه ابن الله هل قال لكم بان تعبدوه كاله وماهو مصركم الموثوق بذلك اعطونى الدليل